بعدما ساءت العلاقات بين الرياض وبيروت، رأى القادة اللبنانيون أن يحولوا الدفة تجاه قطر.. لربما تستطيع الدوحة أن تخرج لبنان من مستنقعه الاقتصادي.
في زيارة قام بها إلى الدوحة، التقى الرئيس اللبناني ميشال عون بأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني؛ لمناقشة سبل المساعدة في الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة في لبنان، وأعلن أمير قطر علنًا عن تضامنه لدعم لبنان.
أشار عون إلى أن قطر قدمت تأكيدات لدعم لبنان في مجالات عديدة، حيث تطرق الزعيمان إلى مجالات مثل استثمارات البنية التحتية للكهرباء، وجهود إعادة إعمار ميناء بيروت عقب انفجار المرفأ في أغسطس 2020 الذي أودى بحياة مائتي شخص.
من جهته، أبدى تميم استعداده لمد قطر يد الصداقة إلى لبنان خلال الفترة المالية الصعبة التي يمر بها، كما أشاد بالمغتربين اللبنانيين في الدوحة، والذين يبلغ عددهم 60 ألفًا.
WSJ: السعودية فكت ارتباطها مع بيروت بسبب إيران. ماذا سيحدث لاقتصاد لبنان؟ | ترجمة في دقائق
بينما من السهل افتراض أن “العلاقات الأخوية والتضامن” هما المحركان للتفاعل بين لبنان وقطر في هذا التوقيت، فإن المصالح الجيوسياسية غير المعلنة تلعب دورها: قطر ترى أنها بذلك ستنافس السعودية في لبنان.
كانت السعودية تاريخيًا داعم لبنان المالي الأهم في أوقات الضائقة الاقتصادية. لكنهما وصلتا إلى طريق مسدود في علاقاتهما الدبلوماسية، بعدما رأت الرياض أن حزب الله بات يملك اليد العليا في بيروت.
نتيجة لذلك، لم يعد السعوديون يرون سببًا للتعاون مع الحكومة اللبنانية التي باتت تشعر بالعزلة.
دفعت هذه العزلة لبنان الدولة المفلسة تقريبًا إلى أحضان الدوحة، التي وعدت في وقت سابق من هذا العام بالاستثمار في لبنان شريطة أن تشكل حكومة جديدة.
جورج قرداحي | هل تستحق تصريحاته عن السعودية والحوثيين كل هذه الضجة؟ | س/ج في دقائق
تشكلت حكومة جديدة في سبتمبر 2021. لكن اللبنانيين لا يزالون يعيشون في فقر، خرج المواطنون اللبنانيون إلى الشوارع مرة أخرى في احتجاجات عمت أرجاء البلاد، وأحرقوا الإطارات وأغلقوا الطرق مطالبين بإجابات لمحنتهم الاقتصادية.
لسوء الحظ، بغض النظر عما يقرر السياسيون القيام به، فإن أي استراتيجية لعكس هذا الركود ستكون على الأرجح عملية طويلة.
في الواقع، من الواضح أنه لا توجد حلول سريعة للركود الاقتصادي في لبنان، والذي يقول البنك الدولي إنه متعمد.
رسميًا، تقدر قيمة العملة اللبنانية بحوالي 1,515 ليرة مقابل دولار واحد، لكن القيمة الحقيقية للسوق السوداء هي 25,000 ليرة.
اشترط المجتمع الدولي وجود خطة ملموسة لوقف الفساد المنهجي في لبنان، والذي يعزى إليه المشاكل كلها في لبنان.
لبنان في خضم مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لإطلاق حزمة مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار للمساعدة في إنعاش اقتصاده الفقير.
طالب صندوق النقد الدولي القادة اللبنانيين بسن سلسلة من الإصلاحات السياسية لمعالجة الفساد في قطاع الكهرباء والقطاعات المصرفية قبل أن تتمكن من تلقي المزيد من المساعدات، لكن الشعب اللبناني لا يطيق انتظار الحكومات والمؤسسات الدولية للاتفاق على صفقة، فهم بحاجة إلى المساعدة الآن.
يريد القطريون نفس الالتزامات الدولية من بيروت، حيث سيكون الدعم متوقفًا على وجود إصلاحات اقتصادية وسياسية ملموسة، ومع ذلك، فإن هذا لن يوقف الدوحة من إرسال المساعدات إلى العائلات اللبنانية التي هي في حاجة ماسة إلى الدعم فقط.
في إشارة إلى نواياه، قال أمير قطر إنه سيرسل وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت في موعد غير محدد لمناقشة كافة التطورات لمساعدة لبنان.
يمكن أن يكون هذا بادرة تحول في لبنان، لكن هذا لا يمكن أن يحدث إلا عندما يخلق قادته حلولًا دائمة من خلال ممارسة الحكم الرشيد واحترام سيادة القانون.
ما وراء أزمة لبنان | لماذا قاتل حزب الله لضمان وزارتي الأشغال والمالية تحديدًا؟| س/ج في دقائق