* النظام الدولي معرض لتغييرات كبيرة بعد أزمة كورونا. ربما لن ينقلب رأسًا على عقب، لكن نفوذ الصين الذي اجتهدت لمده لفترات طويلة قد يتعرض لضربة كبرى.
* داخل الصين، استقرار نظام الحزب الشيوعي يبقى محل تساؤل.. خارجها، الحزام والطريق الذي مثل ذراع بكين الطولى قد يتوقف لفترة طويلة.
* نقاط قوة الاقتصاد الصيني، مثل الشركات المتوسطة والصغيرة، وسلاسل التوريد العالمية، والجيل الخامس الذي تبشر به وا-وي قد تتعرض لضربات شديدة.. تبقى فرصة وحيدة في بعض المناطق، لكنها مشروطة بقدرة الصين على استمرار الإنفاق.
قوائم في دقائق
منذ بداية أزمة كورونا، ثارت التساؤلات حول تأثير أزمة كورونا على تعزيز أو زعزعة قبضة الحزب الشيوعي على الصين، وبشكل أكثر تحديدًا ما هو تأثيرها على سلطة الرئيس الصيني والأمين العام للحزب شي جين بينغ؟
القيادة الصينية أصيبت بالتوتر فعلًا بسبب محاولتها إعادة تشكيل الاقتصاد الصيني، بالاحتجاجات في هونج كونج، وتجدد المشاعر المعادية للصين في تايوان، والضغط الاقتصادي والسياسي والعسكري المنتظم من الولايات المتحدة حتى قبل تفشي الفيروس.
علاوة على ذلك، قد يكون توطيد السلطة تحت يد شي قد سهل إعادة الهيكلة الاقتصادية، وعزز التحول إلى القومية ومعها ترابط الدولة، بما ساعد في تمكينه أكثر، لكنه أيضًا ركز المسؤولية عن الإخفاقات في شخصه.
ظهرت أدلة سردية عن الاستياء الاجتماعي من بعض تدابير الاستجابة للوباء، بما في ذلك تقارير عن التحديات داخل الحزب الشيوعي الحاكم. لكن من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت هذه مجرد تذمر في الوقت الحالي، أو أعراض استياء أعمق، أو تعكس انتظار كيانات خارجية للفرصة من أجل استغلال لحظة ضعيفة محتملة في الصين.
شهدت الصين تباطؤًا أو انكماشًا هائلاً في اقتصادها في الربع الأول. صحيح أنها خرجت أسرع من الأزمة الأكثر خطورة مع انتقال الأزمة لبقية العالم، لكن الطلب على المنتجات الصينية سيقل.
بالتبعية، ستواجه الصين مشاكل اقتصادية حادة حتى نهاية العام على الأقل، إن لم يكن أبعد من ذلك.
ظهرت مؤشرات كذلك على وجود مشكلات في قطاع إقراض الظل المصرفي. عمق تلك الضربة يتمثل في كونها تطال الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي توظف عددًا أكبر من السكان، لكنها لا تملك إمكانية وصول إلى التمويل المصرفي من المؤسسات الرسمية المملوكة للدولة.
سيكون السؤال الرئيسي الآخر خلال الأرباع العديدة القادمة هو وتيرة ونطاق إعادة تنشيط الصين لمبادرة الحزام والطريق.
إذا رأت الصين الحاجة إلى التركيز على الاستهلاك الداخلي والنشاط الاقتصادي، فقد تقطع هذه المشاريع الخارجية.
حتى قبل كورونا، كانت بكين تعيد تقييم القيمة مقابل تكلفة العديد من مشروعات الحزام والطريق. في حين أن الصين قد تستفيد من المكاسب قصيرة المدى فيما يسمى بالقوة الناعمة حيث ترسل الأطباء والإمدادات الطبية إلى دول أخرى، لكنها ستفقد الزخم في محاولتها لتشكيل الديناميات السياسية والسياسات الأمنية لجيرانها وشركائها إذا قلصت الإنفاق على البنية التحتية الخارجية على مدى السنوات القليلة المقبلة.
أدت محاولات الولايات المتحدة للحد من نفوذ وا-واي (هواوي) الصينية في تطوير البنية التحتية العالمية لشبكات الجيل الخامس إلى توتر العلاقات بين واشنطن وبكين، لكن أيضًا بين الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها.
الآن، كشفت أزمة كورونا، وتدابير العزل الجماعي المصاحبة لها، الضعف البنيوي للبنية التحتية للاتصالات في العديد من البلدان والمجتمعات، مما عزز الطبيعة الحرجة للأعمال الخاصة بهذه البنية التحتية.
الأزمة أظهرت أيضًا ضعف نظم المعلومات أمام التضليل والتلاعب الأجنبي، كما أثارت مخاوف تتعلق بالخصوصية بشأن زيادة استخدام الحكومة للتكنولوجيا لتتبع وإدارة انتشار كورونا.
أسئلة المراقبة الحكومية، المعلومات الشخصية والخصوصية، وصول الحكومة إلى الاقتصاد والأعمال، والعلاقة بين الحكومات المحلية والاتحادية وحتى الوطنية، والحوكمة، ازدادت في السنوات الأخيرة، وانعكست على نقاشات السياسة، والسيادة، والاضطراب السياسي والاجتماعي. كورونا سيعزز كل هذه النقاشات.
ستعمل هذه المخاوف المتنافسة على تكثيف المناقشات حول أمن المعلومات الشخصية من الدولة، وحول "السيادة السيبرانية" الوطنية.
تتوقع ستراتفور زيادة الاهتمام بتمويل وإدارة البنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مع دعوات لمزيد من التمويل الوطني - والسيطرة - على الشبكات.
وبدلًا من تعزيز الإحساس "بالوحدة" في جميع أنحاء العالم، قد يسرع كورونا التحركات نحو مزيد من التجزئة.
الجزء الأكبر من الاستجابة لأزمة كورونا كان وطنيًا بطبيعته، لم تقده المنظمات متعددة الجنسيات.
العديد من هذه المنظمات ظهرت في نهاية الحرب العالمية الثانية أو الحرب الباردة ، في أوقات مختلفة تمامًا عن الوقت الحاضر. لم تواكب العالم المتغير، وواجهت الأمم تحديات الهدف والسلطة حتى قبل كورونا.
الولايات المتحدة اعتبرت العديد منها إما مقيدة أو غير فعالة ، بينما بدأت الصين تسعى لبسط نفوذها داخلها سعيًا لتغيير اتجاهها لتناسب رؤيتها العالمية بشكل أفضل.
منظمة الصحة العالمية خصوصًا كانت في قلب تلك الأزمة، بعدما طالتها اتهامات التحيز للصين، وترويج روايتها الإعلامية لإخفاء محاولتها التستر على الوباء.
كورونا بهذا الخصوص قد يثير الجدل حول إصلاح شامل للحوكمة العالمية، أو حتى تجاوز الدول للعديد من هذه الأنظمة سعيًا وراء مصالحها الخاصة.
جائحة كورونا حملت أحدث صدمة لسلسلة التوريد العابرة للدول ولفتت الانتباه إلى المخاطر التي تهدد استمرارية الأعمال والتجارة، وفي بعض الأحيان الأمن القومي.
حتى قبل جائحة كورونا، كانت سلاسل التوريد العالمية تواجه تحديات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ومن القومية الاقتصادية المتزايدة في جميع أنحاء العالم.
في حين أن العالم لم يتحرر من قوة الجاذبية للصناعات التحويلية وسوق المستهلكين في الصين، إلا أن التوترات التجارية، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف العمالة في الصين، تسببت في انتقال بعض الصناعات التحويلية إلى فيتنام وأماكن أخرى في جنوب شرق آسيا.
وفي الوقت نفسه، كان التحضير لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وإعادة تقييم سلاسل التوريد، حيث راجعت الولايات المتحدة اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) كما أثرت الترتيبات التجارية في أماكن أخرى أيضًا على القرارات المحيطة بسلاسل التوريد.
سينظر إلى كورونا على أنه اضطراب قصير المدى للنشاط الاقتصادي العالمي. بعض الشركات نقلت الإمدادات بسرعة خارج الصين في الأيام الأولى من الحجر الصحي هناك، بينما أعادت شركات أخرى تجهيز المصانع أو الاعتماد على فائض المخزون.
لكن على مدى السنوات العديدة الماضية، فإن الابتعاد عن التسليم في الوقت المناسب والصدمات السياسية أو غيرها من الصدمات، بما في ذلك مقاطعة الصين غير الرسمية لكوريا الجنوبية، أجبرت الشركات بشكل متزايد على ضمان المرونة في سلاسل التوريد الخاصة بها، لمحاولة تأمين نفسها بشكل أفضل من الصدمات العالمية المستقبلية.
البلدان المعتمدة على استيراد السلع الأساسية ستواجه تأثيرات طويلة الأمد من اضطرابات الاستهلاك، وفي بعض الحالات من المرجح أن تستمر هذه المشكلات لبعض الوقت.
خلال العقد المقبل، سننظر عن كثب إلى الدول التي تعتمد بشكل كبير على الدعم الخارجي، أو تلك الموجودة بين القوى الكبرى، أو تلك الموجودة على الهامش العالمي.
دول جزر المحيط الهادئ مثلًا، التي عانت من المنافسة المتزايدة بين الصين من جهة والولايات المتحدة وأستراليا من جهة أخرى، تواجه قيودًا اقتصادية كبيرة في التعامل مع كورونا، من انهيار السياحة إلى تخفيضات البضائع والإمدادات.
كذلك دول مثل بيلاروسيا، التي تسعى إلى تحقيق التوازن بين الاهتمام الروسي والأوروبي والصيني المتنامي، أو منغوليا، التي شهدت انخفاضًا كبيرًا في صادرات الفحم إلى الصين في الربع الأول من العام- قد تجد نفسها أمام تحديات كبيرة، جديرة بالمتابعة.
بعض البلدان قد تتحول نحو الصين، على حساب السيادة الوطنية أو على الأقل القدرة على المناورة السياسية، لكن ذلك مرتبط بتحديد الصين أولويات إنفاقها.
[su_highlight background=”#EF6C14″ color=”#FFFFFF” class=””][/su_highlight][su_highlight background=”#00C5D6″ color=”#FFFFFF” class=””]ملف[/su_highlight] فيروس كورونا في دقائق