ولد أحمد زكي يماني في 30 يونيو 1930 في مكة – السعودية. حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، وبدأ الدراسات العليا فيها 1952، ثم استكمل دراساته العليا بمنحة من معهد القانون في نيويورك 1956، ثم حصل على ماجستير الحقوق جامعة هارفارد في 1956، ثم درجة الدكتوراه من جامعة إكزيتر البريطانية.
تحدث الإنجليزية والفرنسية بطلاقة.
بعد عودته إلى السعودية، أسس أحمد زكي يماني مكتب محاماة وتولى العمل الحكومي، ولفت انتباه الملك المستقبلي فيصل، ثم أصبح شخصية بارزة في تطوير منظمة أوبك، التي تأسست عام 1960، حيث أخرج صناعة النفط السعودية من قبضة الشركات الأمريكية في سلسلة من الخطوات التي أنتجت صفقة بشأن الملكية الوطنية لشركة أرامكو السعودية في عام 1976.
أصبح يماني وزيرًا للنفط السعودي في 1962، وسنه لم يتجاوز الثانية والثلاثين، وهي حالة نادرة لشخص من خارج العائلة المالكة. واستمر في قيادة النفط السعودي على مدى فترة امتدت لما يقرب من ربع قرن.
في سبعينيات القرن الماضي، أصبح يماني شخصية دولية، مكروهًا في الغرب لكونه العقل المدبر لحظر النفط عقب حرب 1973.
قطعت الدول العربية الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إمدادات الخام إلى الولايات المتحدة والدول الصناعية الأخرى كعقاب على دعمها لإسرائيل ضد مصر وسوريا.
في غضون أشهر قليلة فقط، تضاعف سعر النفط الخام أربع مرات من 3 دولارات للبرميل إلى 12 دولارًا.
وبسبب ذلك تم تطبيق تقنين البنزين في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى حد السرعة على مستوى البلاد البالغ 55 ميلًا في الساعة على الطرق.
بالنظر إلى الأزمة، قال يماني لشبكة CNN في عام 2010 إن “حظر النفط العربي كان مقصودًا، وكنت وراءه، لا للإضرار بالاقتصاد، ولكن فقط لجذب الرأي العام الدولي إلى أن هناك مشكلة في الشرق الأوسط.
حينها، قال إن بلاده “لم تفعل إلا أقل القليل، وأن بإمكانها تقليص الإنتاج تمامًا إلى 20%. حينها ستسقط اقتصادات أوروبا والولايات المتحدة واليابان وغيرها”. مهددًا: “إذا قررت أمريكا اللجوء للقوة العسكرية فسيكون قرارًا انتحاريًا للجميع. لدينا أوراقنا أيضًا”.
ماذا لو قررت الولايات المتحدة التدخل عسكريًا في السعودية نفسها؟
سأله المحاور. أجاب: “حينها يمكن تفجير حقول النفط فورًا. ووقتها لتعيش أوروبا واليابان بلا وقود لسنوات طويلة حتى يمكن إصلاحها”.
خطوات ما بعد تقليص إنتاج النفط حينها كانت مخططة جيدًا. قال يماني: “بإمكاننا في السعودية أن نضمن استقرار الاقتصاد. بدلًا من 4 دولارات سيصل سعر البرميل إلى 20 دولارًا. أرباحنا ستتضاعف إن قلصنا الإنتاج. هناك طلب أكبر ومعروض أقل”.
حرب النفط | بسبب دعمها لمصر.. أمريكا فكرت في غزو السعودية في 1973! | الحكاية في دقائق
الارتفاع السريع في أسعار النفط كان يعني مكسبًا هائلًا لأعضاء أوبك. وقال يماني “لسوء الحظ، المال جذاب للغاية. الأعضاء في أوبك يحبون المال والعائدات. ولهذا السبب رفعوا السعر في أسرع وقت ممكن، لكنهم دفعوا ثمن ما فعلوه”.
قال وزير النفط السابق لشبكة CNN إنه لم يندم على الحظر. لكن كانت لديه مخاوف بشأن جهود أوبك اللاحقة لضبط الأسعار.
وأضاف: “يؤسفني ما فعلته أوبك. لا يمكنك حقًا إدارة السعر. كان سوء إدارة للسعر وسوء إدارة للسلطة”.
في 1975، شهد اليماني بعينيه اغتيال الملك فيصل، الذي كان له الفضل الأكبر في توليه منصبه كوزير للنفط من خارج العائلة المالكة وفي سن صغير. وصفه باكيًا بالأب والمعلم وصاحب الفضل الذي منحه الثقة والثروة فرد بإخلاصه وحبه.
ولم تمض السنة، إلا وقد تم احتجازه في 21 ديسمبر 1975، هو ووزراء نفط أوبك الآخرين كرهائن في فيينا من قبل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة كارلوس الثعلب وبمشاركة أنيس النقاش “الذي توفي في نفس اليوم للمفارقة”. حيث طلب الإرهابيون بدور “للشعب العربي وشعوب العالم الثالث” في التعامل مع الموارد النفطية.
حمل الإرهابيون الحكومة النمساوية على توفير طائرة تقلهم وعدد من الوزراء إلى الجزائر العاصمة، حيث خطط الخاطفون لقتل أحمد زكي يماني ووزير النفط الإيراني جمشيد أموزغار لكن كارلوس وافق في النهاية على إطلاق سراحهما بعد وساطة جزائرية.
في أحد حواراته التليفزيونية، يحكى الراحل أحمد زكي يماني عن إيصال طلال مداح إلى العالمية وكيف استغل “العود الذي يتكلم في يده” لنزع فتيل أزمة.
يقول: “كنت ألقى محاضرة في ولاية جورجيا عن الصراع مع إسرائيل في وجود الكثير من اليهود الذين كانوا يترصدون انتهاء كلامي. انتهت محاضرتي، فقدمت طلال باعتباره فنانًا سعوديًا سيقدم بعض مقطوعاته. استطاع أن يبهر الأمريكان الذين لا يفقهوا شيئًا في الموسيقى العربية، وبعد ثلث ساعة غنى مقادير، فساد هدوء كان يكفي لتسمع صوت الإبرة إن ألقيتها على الأرض. فكان أفضل سفير للسعودية في مكان أجزم أنه يكره السعودية”.
في 1986، طلب الملك فهد من أحمد زكي يماني تأمين زيادة في حصة الصادرات السعودية داخل أوبك – وجعل المنظمة تحدد سعرًا قدره 18 دولارًا للبرميل، فلم يتمكن يماني من تحقيق أهداف الملك، وتم فصله بعد ذلك بوقت قصير وعلم بالقرار من التليفزيون.
وفي سنواته الأخيرة، قال اليماني إن أسعار النفط تعرضت للتشويه بفعل المضاربة، مما أدى إلى تقلبات حادة. وقال: “لا تنسوا أن السياسة مهمة. كل شيء يمكن أن يحدث ويمكن أن يدمر تجارة النفط أو يثيره”.
توقع يماني أن ينتهي عصر النفط، وقال في 2010: “انتهى العصر الحجري ليس بسبب نقص الحجارة، وسينتهي عصر النفط، لكن ليس بسبب نقص النفط”.
مملكة النفط | كيف تكون “أرامكو” قاطرة التنمية في السعودية؟| محمد نجم
وفاة وزير سعودي سابق قاد حظر نفطي عام 1973 (ستريتس تايمز)
“كنت وراءها”.. توفي الرجل المسؤول عن صدمة النفط عام 1973 (سي إن إن)