حين كان سنها 12 عامًا مرت من أمام سارة الأميري صورة لمجرة أندروميدا. راودها الحلم. "كطفلة في هذا السن، كانت أقرب إلى مجرة درب التبانة". لكن الصورة دفعتها لتعلم قدر ما تستطيع عن الفضاء الخارجي. "أخبروني أن من التقط الصورة يعمل في مجال الفضاء. أصبح لدي حلم".
بدأت الأميري العمل كمهندسة كمبيوتر، لكن حلمها وجد أرضيته الأولى.. انتقلت إلى مجال تكنولوجيا الفضاء في معهد الإمارات للعلوم التكنولوجية المتقدمة، حيث عملت على تنفيذ الأقمار الصناعية الأولى للإمارات، دبي سات 1 ودبي سات 2.
الإمارات أيضًا كانت تحلم.. على مدار الخمس سنوات الماضية، سعت إلى تجاوز حدود العلم والتكنولوجيا، بالدرجة التي خصصت معها شعار مشروعها الأهم لغزو المريخ بـ "تخيل المستحيل".
أطلقت الإمارات وكالة الفضاء الوطنية في 2014. قبل أن يلتقي الحلمان المستحيلان في 2016؛ سارة أصبحت رئيسًا لمجلس علماء الإمارات. 2017 بات للإمارات وزير للذكاء الاصطناعي لأول مرة، وباتت الشابة العشرينية قائدًا للحلم الوطني.. مشروع غزو الفضاء.
"كان لدي حلم وتحقق"، تقول سارة الأميري عن حلمها وحلم بلادها الذي باتت تقوده بنفسها. اليوم، وهي في سن الـ 33، تشغل الأميري منصب نائب مدير مشروع الإمارات العلمي، وتقود بعثة مسبار الأمل العلمية إلى المريخ.
"من الطبيعي أن يعتقد الناس أن هذا جنون"، تقول الأميري، في إشارة إلى مهمة المريخ الإماراتية التي انطلقت في العشرين من يوليو 2020. لكنها لا تزال تطلع للمستقبل: "نحن بلد جديد في هذا المجال، تأخرنا عن المنافسة في المنظور العالمي".
قبل انطلاق المسبار، وقفت سارة الأميري أمام المشروع وتحدثت عن مهمة مسبار الأمل: "مهمتنا رسالة أمل لدولة الإمارات. مشروعنا إماراتي 100%. كل فريق العمل إماراتي، ولدينا شراكات مع جهات خارجية؛ حتى نستطيع الاستفادة من معرفتهم وقدراتهم لبناء مسبار إماراتي خالص يستطيع الوصول إلى المريخ.
"المهمة تسمى أمل، لأننا نساهم في الفهم العالمي لكوكب في مجموعتنا الشمسية. نحن الآن نتجاوز الاضطرابات التي تحد بمنطقتنا من كل ناحية، وأصبحنا مساهمين إيجابيين في العلوم"، تقول الأميري.
لم تتجاوز الإمارات حدود العلم والتكنولوجيا فقط بل تجاوزت حدود النظرة إلى المرأة في الدول الناطقة بالعربية. انتقلت بها إلى ما بعد أسئلة التمكين، إلى النظر إلى ما يمكن أن تفعله وتساهم به. فمثلما كانت مهمة المريخ رسالة أمل إلى الإمارات، كانت رسالة أمل أيضا لسيدات الشرق الأوسط. تستطيع المرأة فعل أكثر مما تفكرن فيه. يستطعن الوصول إلى الفضاء.
تشكل السيدات في المهمة الإماراتية 34%، وتصل النسبة إلى 80% من الفريق العلمي، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة السيدات المقررة في القوى العاملة الإماراتية، 28%. الأميري تأمل أن تعزز هذه المهمة من توسيع مشاركة الشباب والسيدات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
مهمة سارة الأميري الموكلة إليها لا تقتصر على الرحلات الفضائية، تشمل أيضًا تعزيز مساهمات العلوم المتقدمة في تنمية الإمارات واقتصادها في مرحلة ما بعد النفط. "عندما تتحدث عن اقتصاد دولة الإمارات في الثلاثين عاما المقبلة، فإن أحد أهم أسسها هو العلم والتكنولوجيا؛ لأنك تريد أن يقوم اقتصادك على المعرفة - معرفة الإنتاج واستخدامها للوصول إلى الأصول غير الملموسة."
هذه هي الطريقة التي تعمل بها اكثر الاقتصادات استدامة في العالم. كما تقول سارة الأميري.