استمع أولًا إلى بودكاست دقائق: “ماذا يعني تحديد مصر الحدود البحرية مع ليبيا من جانب واحد؟” من هنا، أو واصل القراءة إن أردت:

أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرار جمهوري بتحديد الحدود البحرية الغربية في البحر المتوسط مع ليبيا من طرف واحد. لم يتلق هذا الخبر الاهتمام الذي يستحقه في وسائل الإعلام رغم الدلالات الضخمة المترتبة عليه.

ما هو نص قرار تحديد مصر الحدود البحرية مع ليبيا ؟

في 11 ديسمبر 2022، أعلنت الجريدة الرسمية في مصر نص القرار الجمهوري بتحديد الحدود البحرية الغربية لمصر في البحر المتوسط.

وبحسب القرار، مصر حددت حدودها البحرية الإقليمية الغربية من نقطة الحدود البرية المصرية الليبية وبخط مستقيم تقريبًا لمسافة 12 ميل بحري.

التفاصيل الفنية معقدة، لكن صرحت مصر إن قوائم الإحداثيات معلنة بالتفصيل في إخطار للأمين العام للأمم المتحدة.

مع العلم إن هذا الإعلان تحدث عن تحديد وليس ترسيم، بمعنى رسم للحدود من جانب واحد، وليس اتفاق على ترسيم الحدود بين دولتين.

ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان.. هل تنازلت القاهرة عن حقوقها كيدًا في تركيا؟ |س/ج في دقائق

لماذا صدر قرار تحديد مصر الحدود البحرية مع ليبيا في هذا الوقت تحديدًا؟

تحديد الحدود البحرية مع ليبيا كانت الخطوة الأخيرة في رسم كامل حدود مصر في البحر المتوسط بعد خطوات سابقة مع إسرائيل وقبرص واليونان.

وهذا مرتبط بشكل مباشر بتكثيف جهود استكشاف مصادر الطاقة في شرق المتوسط. وهذا ما تحدث عنه عدة مصادر ومنها: وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري أحمد يحيى.

ما هو موقف حكومة الشرق وحكومة طرابلس في ليبيا من تحديد مصر الحدود البحرية؟

لأول مرة تتخذ الحكومتين موقف مشابه من تطور يخص مصر.

عارضت كلا الحكومتين تلك الخطوة المصرية، لكن كل حكومة تحدثت عن أسباب مختلفة لتلك المعارضة، أسقطتها بعض وسائل الإعلام إما عمدًا أو تجاوزًا.

1- أسباب رفض حكومة طرابلس تحديد مصر الحدود البحرية مع ليبيا

حكومة طرابلس المتحالفة مع أنقرة رفضت القرار؛ لأنها اعتبرته انتهاك للمياه الإقليمية والجرف القاري الليبي، باعتبار إن الحدود المعلن عنها من مصر تخالف اتفاقية ترسيم الحدود التي وقعتها حكومة طرابلس مع أنقرة.

مع العلم أن تلك الاتفاقية لم تعترف بها مصر أصلًا، ومعتبرة إنها موقعة بدون صفة، وإنها اعتدت على الحدود المصرية، وبالتالي تعتبرها هي والعدم سواء، وقد أشارت بعض التقارير إلى أن مسارعة مصر بتلك الخطوة أصلًا كان بهدف بدء مصر في إتخاذ الإجراءات العملية لإبطال الاتفاقية.

2- أسباب رفض حكومة الشرق في ليبيا

حكومة الشرق رفضت القرار باعتباره صادر من طرف واحد وبدون مشاورات سابقة. لكن تلك هي الطبيعة العملية للخطوة بالأساس، كما ذكرنا سابقًا تلك الخطوة كانت تحديد وليس ترسيم حدود. وهذا في القانون الدولي بحسب التقارير يكون توضيح من الدولة لموقفها بشأن حقوقها، خصوصًا في حالة تدخل طرف ثاني للتنازع عليها.

وكأن مصر تقول للأمم المتحدة إن تلك هي حدودنا من البداية، وأي تغيير من أي طرف بالنسبالنا لن يكون معترف بيه.

ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل .. هل فتح انفجار بيروت باب السلام ؟ | س/ج في دقائق

هل كان الأفضل مشاورات تنتهي باتفاقية ترسيم الحدود؟

هنا، يجب أن نسلط الضوء مباشرة لتوصيف “الإجراء الوقائي” الذي استخدمته مصادر مصرية على صفحات الأهرام.

تحدثت المصادر عن إن الوضع غير المستقر في ليبيا سمح لحكومات متعاقبة في طرابلس بدون شرعية سياسية أن تُعطي مساحات لتركيا على حساب المصالح الوطنية المصرية، التي لم تأخذها حكومات ليبيا على محمل الجد.

بالتالي، في ظل عدم ظهور أي مجال قريب لتشكيل حكومة شرعية في ليبيا ولا أي بادرة لاقتراب الاستقرار، فالقاهرة اتخذت موقف وقائي لتأمين مصالحها، خصوصًا بعد خطوة القاهرة استقبلتها بعدم راحة، عندما رفض رئيس حكومة الدبيبة اقتراح من المؤسسة الوطنية للنفط لتحويل الغاز الطبيعي الليبي لمحطات الإسالة المصرية في دمياط وإدكو.

لماذا رفض رئيس حكومة الدبيبة تحويل الغاز الطبيعي الليبي لمحطات الإسالة المصرية؟

على الرغم من إن محطات الإسالة المصرية أصبحت نقطة تجميع إقليمية قبل التصدير لأوروبا، إلا أن رفص الدبيبة كان إشارة لدعم مشروع تركي منافس سيحاول تحويل ليبيا لنقطة تجميع من نيجيريا والجزائر قبل التصدير لتركيا ومنها لدول الاتحاد الأوروبي.

بودكاست | خريطة الغاز 2023 | حزب الله قد يقطع الكهرباء عن منزلك في القاهرة! | س/ج في دقائق

ما موقف تركيا واليونان من قرار تحديد مصر الحدود البحرية مع ليبيا ؟

من الملاحظ إن اليونان دعمت القرار المصري وتركيا أبدت ضجر منه. وهنا مربط الفرس.

كما ذكرنا فإن القرار الجديد يُثبت الترسيم المصري اليوناني ويتجاهل الترسيم التركي مع حكومة طرابلس.

الطرفين بينهم مناوشات مستمرة على الناحية المقابلة من المتوسط. لكن المراقبين يقولون إن كل دول المنطقة مدركة إنها ستضطر للتفاوض عندما تصل عند مرحلة.

وبالتالي تكون القاهرة اتخذت خطوة سابقة غيرها، بإنها تحدد لباقي الأطراف نقطة بداية التفاوض. خصوصًا إن أرادت تركيا في الفترة القادمة الانضمام لمنتدى شرق المتوسط.