كاتب إماراتي لصحيفة إسرائيلية: ما معنى خط السيسي الأحمر في أزمة سد النهضة؟ | ترجمة في دقائق

كاتب إماراتي لصحيفة إسرائيلية: ما معنى خط السيسي الأحمر في أزمة سد النهضة؟ | ترجمة في دقائق

12 Apr 2021
أثيوبيا مصر
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

نقلا عن تحليل الكاتب الإماراتي سالم الكتبي في صحيفة جيروزاليم بوست: الخيارات المطروحة أمام مصر في أزمة سد النهضة.


الحلول التفاوضية لم تكن أبدًا الطريق الأسهل في إيجاد تسويات جذرية للأزمات الصعبة، ناهيك عن المعضلات الوجودية كما هو الحال بالنسبة لموضوع سد النهضة الإثيوبي.

لكنها تبقى الحلول المثُلى والأفضل في ترسيخ الأمن والاستقرار، خصوصًا إذا تعلق الأمر بمجرى مائي حيوي تتداخل فيه التعقيدات الفنية مع السياسية مع الأمنية.

لكن فاعلية هذا النمط تبقى رهن إرادة أطراف الأزمة ورغبتهم الجادة في ايجاد حلول وبدائل ترضي جميع الأطراف.

خطوط السيسي الحمراء

والحقيقة أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثبت للعالم أجمع مدى وعمق صبره ومثابرته ورغبته القوية في إنهاء أزمة “سد النهضة” بالطرق التفاوضية، كما عكست تصريحاته الأخيرة وعيه بتداعيات وتوابع أي تصعيد عسكري ناجم عن المساس بإمدادات مصر من المياه بسبب هذه الأزمة.

السيسي كان حريصًا على نفي فكرة التهديد في إشارته إلى خطوط مصر الحمراء في هذا الموضوع الحساس للغاية، حيث قال: “محدش هيقدر ياخد نقطة مياه من مصر وإلا هيبقى في حالة من عدم الاستقرار في المنطقة لا يتخيلها أحد ومحدش يتصور إنه يقدر يبقى بعيد عن قدرتنا”. لكنه أضاف: “نحن لا نهدد أحدًا، ولكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر.. وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد”.

هذا حديث يليق برجل دولة يعرف مكانة مصر الحضارية والاستراتيجية جيدًا، ويسعى أيضًا للحفاظ على حقوق شعبه من دون أن يتورط في تصعيد غير محسوب، أو ينساق وراء الحروب الكلامية ودعوات الحرب التي يروج لها كثيرون عبر السوشال ميديا تحديدًا، عاكسًا بذلك عمق وعيه بتاريخ بلاده وظروفها واولويات شعبه وكيفية قيادة سفينة الوطن بحكم واقتدار وسط هذه الأنواء العاتية.

أثبت السيسي أنه رجل المواقف الصعبة، حيث نجحت استراتيجية “الخطوط الحمر” التي وضعها في ليبيا في ردع تركيا عن مواصلة تمددها للاستيلاء على الشرق الليبي.

مع ذلك، فلم يلجأ السيسي “السياسي” إلى هذه الاستراتيجية في أزمة سد النهضة حرصًا على خصوصية هذا الموضوع ورغبته في الابتعاد عن لغة التصعيد مع الجار الاثيوبي.

رسالة للقوى العالمية

التطورات المتسارعة بشأن قضية سد النهضة لعبت الدور الأبرز في انتقال الدبلوماسية المصرية إلى لغة أكثر خشونة لتهدئة وطمأنة الشارع المصري أولًا، ثم لتوجيه رسالة قوية واضحة ليس للجانب الإثيوبي فقط، بل أيضًا إلى القوى الكبرى التي تتفادى ـ حتى الآن ـ الاضطلاع بدورها المطلوب في البحث عن تسوية لهذه الأزمة التي تنجرف تدريجيًا وتهدد بإشعال صراع إقليمي لا يعرف أحد مداه ولا امتدادت ألسنة اللهب الناجمة عنه.

وللأمانة، أقول إن الرئيس السيسي يراكم الخبرات بشكل لافت للانتباه ومثير للإعجاب والتقدير، ويتجه ببلاده بشكل سريع نحو نهضة وتطور غير مسبوقين في تاريخ مصر المعاصر، وهذا مايفسر رغبته الواضحة وسط كلماته في عدم الانشغال بحروب وصراعات لا طائل من ورائها، من دون أن ينفي إرادته القوية في خوض أي صراع يهدد مصير شعبه.

هنا لا بد من تسجيل الأثر الشعبي الهائل لتصريحاته الأخيرة بشأن أزمة سد النهضة. وهو ما يمكن ملاحظته عبر ردود الأفعال في السوشال ميديا ووسائل الاعلام كافة، فرغم أنه بدا هادئًا لكن التصريحات قرئت في سياق خلفيته العسكرية الصارمة الحازمة، ومواقفه السابقة المتكررة في حماية مصر وشعبها في احلك الظروف وأصعبها.

سد النهضة | هل تلجأ مصر للخيار العسكري للحفاظ على حصتها من مياه النيل؟ | مناظرة في دقائق

الحوار.. السبيل الأضمن

المؤكد في هذه الأزمة أن الحوار الدبلوماسي من أجل تجاوز الخلافات القائمة بين الدول الثلاث “مصر والسودان واثيوبيا، هو السبيل الأضمن والأنجع للوصول إلى تسوية ترضي جميع الأطراف، وتؤمّن حقوق الدول والشعب وأمنها المائي، وبما يحقق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة والازدهار لجميع الشعوب بعيداً عن الصراعات وتراكماتها وما تتسبب فيه من أحقاد وضغائن وإرث يحتاج إلى سنوات، وربما عقود، طويلة لتجاوزه.

الحقيقة أن قادة الدول الثلاث أمام منعطف تاريخي فارق يتعلق بحياة شعوبهم ومصيرها، والأمر يتطلب من الحكمة مايفوق بمراحل أي رغبة في تحقيق مكاسب وقتية أو انتصارات دعائية، وايجاد تسوية ترضي جميع الأطراف يضمن لهؤلاء القادة جميعًا مكانًا لائقًا في تاريخ دولهم، باعتبارهم دعاة سلام وتنمية، لا دعاة حروب وخراب.

سد النهضة.. 10 سنوات من التفاوض على حل دون حل | تايم لاين في دقائق


 

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك