“الاغتصاب الزوجي” | كيف استمدت ثقافتنا الدينية أفكارها من أفلام الجنس | خالد البري

“الاغتصاب الزوجي” | كيف استمدت ثقافتنا الدينية أفكارها من أفلام الجنس | خالد البري

22 Jun 2021
خالد البري رئيس تحرير دقائق نت
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

عجيبة الصورة التي تُقدم بها الرغبة الجنسية لدى الرجل في ثقافتنا.

شيخ يتحدث باسم مؤسسة دينية يكرر مرارًا وتكرارًا أنها رغبة عارمة، جارفة، تجعل الرجل غير قادر على الامتناع عن التحرش، أحيانا، أو تبرر له إن يجامع زوجته عنوة إن لم ترغب في ممارسة الجنس.  حيث إنه أقوى منها وسوف “يفرتكها” حسب نص التعبير الذي استخدمه.

هذا الشيخ يعبر عن قطاع كبير من أبناء المجتمع، كما يظهر في تعليقاتهم. لكن الأخطر من ذلك أنه يعبر عن ما يقلقنا في الثقافة الدينية الشائعة.

ما هو؟

أن الثقافة الدينية لم تعد تدعو لتحضر أخلاق البشر. كلمة تحضر معناها الاتساق مع الحاضر.

بل اختلطت بالثقافة الشعبية وأنتجت أسوأ ما في كليهما. جهلًا وأخلاقًا منفرة، ولكنها محاطة بالقداسة، ومستعصية على التغيير أو الانتقاد، وهجومية، وتمنح المتخلق بها شعورًا بالاستعلاء بها بدل الخجل منها. وهو الشعور الضروري في أي تغير أخلاقي. أن تخجل من شيء فتتركه وتتخلق بغيره.

وبذلك تحجز المجتمع عن مواجهة مشاكله الأخلاقية، كمشكلة التحرش المتفشية في مصر، وكمشكلة تعديل العلاقة بين الزوجين.

المقولة والتبرير ناتجان من اعتقاد متداول شعبيا يربط بين “الفحولة” وبين عدم القدرة على المقاومة. بمعنى أن الاستجابة – ولو بالتحرش أو العنف الزوجي – تحولت من فعل جريمة إلى دليل على فيضان الفحولة.

وبالتالي تحولت الأخلاق المهذبة، إلى دليل ضعف و”خنوثة”. تغذيه عشرات الأساطير الأخرى الشائعة أيضًا: “الغرب بياكل لحم خنزير فمبقاش غيور”، على سبيل المثال.

التحرش وﺍﻟﺼﺤﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﺎﻓﻊ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ.. “ﻋﺸﺎﻥ ﺗﺒﻘﻲ ﺗﻘﻮﻟﻲ ﻷ”| عمرو عبدالرزاق

هذا الاعتقاد يجد مصدره الأكبر، يا للعجب، في أفلام البورن. أفلام البورن أكثر صدقًا مع نفسها من هذا النوع من مشاهديها. حيث إنها تتعاقد مع المشاهدين على أن ما تقدمه من حكايات كلام فارغ، كل غرضه تقديم إطار “مهلهل” يسمح لها بأن تعرض الجنس المكشوف الفاضح. لا أكثر ولا اقل.

وهذا تحالف غريب. يجدر بالشخص الحصيف أن يتفكر في معناه. حيث الهلهلة الروائية توحد على ما يبدو جمهورها، بغض النظر عن مضمون الرواية المهلهلة.

ما يحدث في أفلام الجنس يصير دليلًا على “بصيرة” المشايخ بالواقع.

بينما تمنح حكايات المشايخ صدقية لروايات البورن، التي لا يصدقها منتجوها أنفسهم.

فيسبوك قدم لنا – بصريًا – صورة أثارت سخرية المتابعين. لكنها مناسبة للغاية لما نتحدث عنه. شيخ أزهري شهير يتابع فيديو لايف لممثل بورن شهير، ويعلق تحته.

عبد الله رشدي جوني سينس

هذا التحالف يعبر عن نفسه في مواضيع أخرى،

أبرزها التعليقات التي صارت متكررة حول صور أمهات وأبنائهن، وأخوات وأخواتهن.

السلطة من أسفل .. الزوجة الثانية في مواجهة الإسلام السياسي | خالد البري | رواية صحفية في دقائق

لقد صرنا في مجتمع مريب

ثالثة الغرائب والعجائب في مجتمعاتنا، أن كل ما سبق يصدر عن أناس يحثون الفتيان والفتيات، في عز شبابهم وفتوتهم الهرمونية التي نعرفها علميًا، على تجنب الجنس تجنبًا تامًا. وينصحونهم وينصحونهن بالصبر أحيانًا، وبالصوم أحيانًا، وبالماء البارد أحيانًا.

ما دام الموضوع متاحًا بهذه الوسائل يا أخي لماذا لا تلجأ إليها وتنتج إنسانا مهذبًا، يمكن التعامل معه، والإحساس بالأمان في وجوده، ويقدم دليلًا واحدًا على ما نشتاق فعلا إلى رؤيته بعد أن سمعنا عنه كثير كثيرا: الغول والعنقاء والمتدين الخلوق.

الصراع على “الدلع”| كيف هزم رجال الدين الدولة الحديثة بالحياة الشخصية | خالد البري

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك