استهداف الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني مثل ضربة معنوية لحزب الله، بعدما ظهر بجانبه مقاتليه في سوريا والعراق ولبنان كزعيم جهادي ورمز مقاتل.
يقول نيكولاس بلانفورد، من مركز الشرق الأوسط إن تزامن توقيت الاغتيال مع تحديات أخرى يواجهها الحزب، مثل الرفض الجماهيري لطائفية نظام الحكم في لبنان، والأزمة الاقتصادية في بيروت وطهران يزيد أزمة حزب الله تعقيدًا.
كذلك، شوه تورط حزب الله في الحروب الأهلية في سوريا والعراق واليمن صورته باعتباره قوة مقاومة ضد إسرائيل أمام سنة المنطقة، وأصبح ينظر إليه كوكيل شيعي لإيران فقط.
وفاة سليماني أفقدت حزب الله مستشارا وصديقا قويا، مما قد يضعفه ويؤجج الشعور الجماعي بالغضب بين صفوفه. لكن في كل الأحوال، ذلك لن يقلل من تهديده لإسرائيل لأنه حصل على الكثير من الأسلحة خلال فترة سليماني.
يقول ماثيو ليفيت إن حزب الله جعل الولايات المتحدة هدفه الأول، بعد مقتل سليماني، متحولاً من اعتبار إسرائيل العدو الأول. فقد يتحول للانتقام من الولايات المتحدة وسيكون لذلك تداعياته.
منذ نشأته في 1982 أصبح حزب الله أقوى منظمة عسكرية وكيلة لإيران داخل لبنان وخارجه. مع ذلك، ثلاثة مخاوف كبيرة تنتظره تدفعه للمساعدة في تمكين النفوذ السوري المتجدد في لبنان، بحسب نزار حمزة أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي في أمريكا:
أولًا: الخوف من فقدان الممر البري الوحيد الذي يربط حزب الله بإيران عبر سوريا والعراق. والذي يستخدم لنقل الأسلحة والتمويل.
ثانيًا: الخوف من فقدان سوريا كحليف إقليمي مركزي. ولذلك تدخل حزب الله في الحرب السورية لإنقاذ النظام حليفه.
ثالثًا: الخوف من فقدان سلطته المهيمنة على السياسة اللبنانية. فاستمرار دعم سوريا منح حزب الله درجة من السيطرة على السياسة اللبنانية.
ومع ذلك، فإن حزب الله ليس حليفًا أيديولوجيًا لسوريا، فرؤيته للبنان ذات توجه ديني وليست متطابقة مع التوجه العلماني للنظام السوري.
النظام السوري بعدما يتعافى قد يلعب دور الوسيط بين حزب الله والفصائل الطائفية اللبنانية الأخرى لاستعادة النفوذ في السياسة اللبنانية.
لكن مايكل يونغ، المحرر في مركز كارنيجي الشرق الأوسط، يرى أن المشكلة وقتها ستكون في النفوذ الروسي، الذي سيأتي بالتبعية عن السوريين، الذي لا تثق به إيران، والذي لن يوافق أو يساعد على محاربة إسرائيل.
اعتمد موقف الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير على الاعتراف بأن حزب الله لاعب سياسي واجتماعي وعسكري هائل ومؤثر داخل لبنان. ويهدف موقف الاتحاد الأوروبي أيضا إلى تجنب صراع عسكري آخر بين حزب الله وإسرائيل.
يقول ماغنوس رانستورب، الباحث في قضايا الإرهاب، إن سياسة تجنب المخاطرة في الاتحاد الأوروبي تتعلق إلى حد كبير بتجنب التعرض للانتقام من حزب الله وحلفائه الإقليميين، وكذلك تجنب أي تحركات قد تزعزع استقرار الحكومة اللبنانية وتفقد التأثير الدبلوماسي والنفوذ في لبنان.
تغيرت سياسة الاتحاد الأوروبي في 2013 عندما وصفت الجناح العسكري لحزب الله بأنه كيان إرهابي كرد مباشر على تورطه في أعمال إرهابية في بلغاريا.
هذا التمايز الوهمي بين الأجنحة العسكرية والسياسية للمجموعة سمح للاتحاد الأوروبي بمواصلة دوره كمحاور دبلوماسي وشريك في الحوار مع حزب الله.
رغم أن بريطانيا وهولندا تعتبران حزب الله بالكامل إرهابيًا، فإن فرنسا تعارض أي جهود مبذولة لحظر المجموعة بأكملها، والتي ترى أنها استفزازية وغير ضرورية.
اللعبة قد تتغير، وقد يتأثر حزب الله إذا اتفق القادة الأوروبيون جميعًا على حظره، وقتها ستتفاقم أزماته المالية المتضررة بالفعل من التضييق الأمريكي.
منذ توليه حركة أمل، دمر نبيه بري البنية التحتية للسياسة للقضاء على أي منافس محتمل لحزب الله.
التحالف بين بري وحزب الله كان مفيدًا للطرفين، فالأول محاور موثوق به مع الحكومات الإقليمية والدولية، وكذلك كوسيط بين حزب الله وباقي النخب اللبنانية. في المقابل حمى حزب الله حصة بري في تقسام السلطة في لبنان، ودافع عنه عند النقد.
مع رحيل بري قد تنجو حركة أمل وقد لا تنجو، لكن حزب الله وقتها سيصبح المحتكر الأكبر للمجتمع الشيعي، لأنه ليس هناك أي شخصية بديلة تقدر أن تحقق نفس مهام نبيه بري، بحسب الباحثة بمعهد دراسات الشرق الأوسط رندة سليم.
بديلا بري قد يكونا إما جميل السيد، الرئيس السابق لمديرية الأمن العام في لبنان، وعباس إبراهيم المدير الحالي، وحزب الله يميل للثاني.