لسنوات بدا الاتحاد الأوروبي مذبذبًا في التعامل مع إيران رغم التقارير المتواصلة عن عملياتها في أنحاء القارة.
هذه المرة، دبلوماسي إيراني رفيع المستوى أدين رسميًا بالتخطيط لعملية إرهابية في فرنسا، والأخطر أن التحقيقات كشفت عن تورطه في إدارة شبكة جواسيس في جميع أنحاء القارة.
الحكم يتزامن مع جهود الرئيس الأمريكي جو بايدن بدعم واسع من قادة أوروبا لإعادة إحياء اتفاق إيران النووي 2015.
هل يغير حكم المحكمة من الأمر شيئًا؟
القصة في دقيقة:
معلومات سرية جديدة تكشف أن الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي – الذي صدر بحقه الخميس، 4 فبراير 2021، حكمًا بالسجن 20 عامًا في قضية قنبلة بيتزا هت (تفاصلها هنا) كان مسؤولًا عن عمليات جواسيس إيران في أنحاء أوروبا.
المخابرات البلجيكية أثبتت كذلك أن أسد الله أسدي متورط في جمع معلومات استخباراتية لحساب إيران من مختلف دول القارة. لكن الملفت هنا أن ما أكد هذه الاتهامات كانت وثائق ضبطت بحوذة أسدي، وزيارات كبار المسؤولين الاستخبارتيين الإيرانيين له في بلجيكا.
س/ج في دقائق
كيف سقط أسد الله أسدي؟ وبماذا اتهم؟
أسد الله أسدي وثلاثة إيرانيين آخرين متهمون بالتورط في هجوم فاشل لاستهداف تجمع للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الجناح السياسي لحركة مجاهدي خلق الإيرانية في باريس، بحضور شخصيات عالمية بينها محامي الرئيس الأمريكي حينها دونالد ترامب.
ألقي القبض على زوجين بلجيكيين من أصل إيراني ضمن شبكة أسد الله أسدي وبححوزتها قنبلة خارج بروكسل قبل عامين، كانا في طريقهما لتفجير التجمع، قبل أن يلقى القبض على أسدي نفسه
وعوقب أسدي بالسجن 20 عامًا بسبب دوره في الهجوم التفجيري الفاشل.
تظهر وثائق جديدة كشفتها الشرطة الألمانية والهولندية أن أسد الله أسدي لم يكن مسؤولًا فقط عن توجيه عملية باريس، بل أدار شبكة اتصالات واسعة بين جواسيس إيران في جميع أنحاء أوروبا.
الشرطة الألمانية اكتشفت في سيارة أسد الله أسدي نسخة خضراء من كتاب يحتوي على 200 صفحة، احتوى على إيصالات يُعتقد أنها كانت جزءًا من كشف الحساب الذي يقدمه للمخابرات الإيرانية لاستعادة النفقات.
تكشف الفواتير والأوراق المالية أن أسدي دفع في السنوات الأخيرة مبالغ نقدية كبيرة في العديد من البلدان على أقساط يبلغ مجموعها عدة مئات إلى عدة آلاف من اليوروهات، لكن الوثائق لم تظهر إلا الأسماء المستعارة فقط لمن تلقوا الأموال.
كما جمع المحققون بيانات عن أسد الله أسدي من منصات حجوزات فندقية كبيرة مختلفة، تبين أن الإيرانيين غالبًا ما حجزوا أماكن إقامة عبر موقع بوكينج.
تمت مقارنة البيانات مع سجلات هاتفه، حيث أظهرت صوره أنه سافر على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، وفي بعض الأحيان كان يرافقه أقاربه كغطاء.
سفر أسد الله أسدي المتكرر يناقض طبيعة عمله كدبلوماسي مرتبط بالسفارة الإيرانية في النمسا، لكنه لطبيعة عمله في التجسس كان يفضل في كثير من الأحيان حجز غرفة في البلدات الأوروبية الأصغر، لكي لا يلف النظر إليه.
فاتورة مدفوعات عثرت عليها السلطات في سيارة أسد الله أسدي
جانب من مقار إقامة أسد الله أسدي في عواصم أوروبية
حجوزات أسدي عبر موقع بوكينج – من وثائق الشرطة الهولندية
وكيف أثبتت فترة حبس أسد الله أسدي في بلجيكا الاتهامات؟
خلال عامين قضاها في السجن البلجيكي، تلقى أسدي زيارات متكررة، حضرها كلها تقريبًا السفير الإيراني، مما يدل على الأهمية التي يعلقها الإيرانيون عليه.
كما يزور أسدي وفود تسافر خاصة من العاصمة الإيرانية طهران، وعندما قامت المخابرات البلجيكية بفحص الزوار توصلت إلى استنتاج مفاده أنه لا يمكن ربط الجميع بوزارة الخارجية الإيرانية.
وتقول جماعة المعارضة الإيرانية التي استهدفت الهجوم التفجيري الفاشل، الجناح السياسي لحركة مجاهدي خلق، إنها أثبتت الهوية الحقيقية لأعضاء الوفد هؤلاء. ويشير شاهين قوبادي، المتحدث باسم المعارضة الإيرانية، إلى أنهم “شخصيات رئيسية في المخابرات الإيرانية، وأعضاء في الفرقة التي تدير شبكات الجواسيس في الخارج”.
شاهين قوبادي عرف أحد الزوار على أنه رضا لطفي، وهو شخصية رئيسية في المخابرات الإيرانية، ومسؤول عن شبكة جواسيس إيرانيين تعمل من السفارات الإيرانية.