الأحداث تتصاعد في إثيوبيا فجأة. ما كان بالأمس مجرد شبح تصعيد في إقليم تيجراي الإنفصالي يدفع البلاد إلى شفا الحرب الأهلية الإثيوبية.
رئيس الوزراء آبي أحمد الذي حصد نوبل للسلام بفضل جهوده لتسوية الخلافات العرقية يتخذ قرارًا بالتصعيد ضد الإقليم بعد وعد بعدم التدخل العسكري. يقول إن انفصاليي تيجراي بدؤوا بتجاوز الخط الأحمر بشن هجوم على معسكر للجيش، في ادعاء لم تؤكده أي تقارير محايدة. و تحذر وسائل إعلام دولية بأنها نذر تصدع إحدى أكبر الدول الإفريقية من حيث عدد السكان، بما قد يترك منطقة القرن الأفريقي بالكامل في حالة صراع مستمرة.
فهل اندلعت بوادر الحرب الأهلية الإثيوبية بدون مقدمات؟
أم دقت طبول التصعيد منذ فترة؟
وما هي أسباب الصراع؟
س/ج في دقائق
من الذي أطلق الحرب الأهلية الإثيوبية ؟
بدأت الحرب على إقليم تيجراي الانفصالي بإعلان حكومة أثيوبيا أن قوات حكومة الإقليم شنت هجومًا على قاعدة عسكرية تابعة للجيش الفيدرالي في الإقليم في 4 نوفمبر 2020، ما دفع الحكومة المركزية لقطع الاتصالات بالإقليم والأمر بهجوم عنيف.
حكومة تيجراي نفت شنت الهجوم واتهمت حكومة آبي أحمد بالتذرع لبدء حرب على الإقليم.
لم تؤكد أي من التقارير المحايدة مزاعم حكومة آبي أحمد، و قال الدبلوماسي الأمريكي السابق بايتون كنوبف، كبير المستشارين في معهد الولايات المتحدة للسلام، إنه لا أحد بإمكانه تأكيد من الجهة التي شنت هجوم تيجراي. لكنه استدرك أن قوات حكومة تيجراي مسلحة بما يكفي لشن هجوم كاسح أكبر من مجرد استهداف معسكر للجيش الإثيوبي إن قررت إعلان الحرب.
في اليوم التالي أعلن الجيش الإثيوبي نشر قواته في تيجراي. ليرد زعيم الإقليم بإعلان “استعداد أبناء تيجراي للشهادة. لتبدأ الاشتباكات وسط أنباء عن سقوط ضحايا من الجانبين.
يوم 6 نوفمبر، أعلن آبي أحمد أن حكومته نفذت غارات جوية في “الجولة الأولى من العمليات” ضد جبهة تحرير تيجراي بعد أن عزلت الإقليم بالكامل وأغلقت مجاله الجو.
وفي الساعات التالية، كثفت إثيوبيا الضغط على إقليم تيجراي بالتحضير لتغيير القيادة المحلية بإدارة جديدة مفروضة مركزيا.
لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد؟
الأزمة بدأت مع تعيين آبي أحمد رئيسًا للوزراء في 2018. سرعان ما نال الثناء لفتحه مساحة سياسية وكبح الإجراءات القمعية في البلاد. لكن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي شعرت بتهميش متزايد، وانسحبت العام الماضي من الائتلاف الحاكم.
في منتصف 2020، أعلنت الحكومة الإثيوبية تأجيل الانتخابات البرلمانية المحلية بسبب جائحة كورونا، مما يعني بقاء أبي أحمد في منصبه لعام إضافي. رفض إقليم تيجراي ذلك، وأجرت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي في سبتمبر انتخابات محلية وصفتها الحكومة الفيدرالية الإثيوبية بـ “غير القانونية”.
ردًا على ذلك تحركت الحكومة الفيدرالية لتحويل التمويل من السلطة التنفيذية للجبهة الشعبية لتحرير تيجراي إلى الحكومات المحلية الأخرى، مما أغضب القيادة الإقليمية، ليحذر زعيم تيجراي ديبريتسيون جبريمايكل من احتمال اندلاع صراع دموي.
قارن بعض الخبراء احتمالات اندلاع الحرب الأهلية الإثيوبية بين إقليم تيجراي والحكومة المركزية بالحرب بين الدول، لوجود قوتين كبيرتين ومدربتين جيدًا، وغير مستعدتين للتراجع.
إثيوبيا واحدة من أكثر الدول تسليحًا في أفريقيا، بينما هيمنت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي على الجيش والحكومة المركزيين في أثيوبيا قبل أن يتولى أبي أحمد السلطة في 2018. ولديها الكثير من الخبرة في الصراع من الحرب الحدودية التي دامت سنوات بين إثيوبيا وإريتريا، بجوار نهر تيجراي.
تقدر مجموعة الأزمات الدولية القوات شبه العسكرية التابعة للجبهة الشعبية لتحرير تيجراي والميليشيات المحلية التابعة بحوالي ربع مليون جندي.
أحد أكبر المخاطر أن الجيش الإثيوبي سوف ينقسم على أسس عرقية. فيما يقول محللون إن هناك مؤشرات على حدوث ذلك بالفعل، وعزز ذلك إعلان الإقليم أن القيادة الشمالية للجيش الفيدرالي قد انضمت له.
هل هناك أي مبادرات لوقف الصراع بين الجانبين؟
بعض الحكومات والخبراء يطالبون بشكل عاجل بالحوار حول تيجراي في محاولة لإنهاء الحرب الأهلية الإثيوبية في مهدها. لكن دبلوماسيًا غربيًا في العاصمة أديس أبابا يقول: “الرسالة من الإثيوبيين، إذا تحدثت عن حوار فأنت تساوي بين الطرفين، هم يعتبرون أنهم حكومة شرعية، وهذه مجموعة متمردة”.
وقال الدبلوماسي إن الهدف كما طرحته إثيوبيا هو سحق جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراي. “إذا قلت أنني سأحطمك. فهل هناك حقًا مجال لأي مفاوضات؟”
الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بدورها قالت إنها غير مهتمة بالتفاوض مع الحكومة الفيدرالية، وأنها سعت إلى إطلاق سراح القادة المحتجزين كشرط مسبق للمحادثات.
– السودان: يواجه انتقال سياسي، واضطر لإغلاق جزء من حدوده بسبب الصراع.
– إريتريا: لم تظهر سوى القليل من علامات الانفتاح بعد التوصل إلى سلام مع إثيوبيا في 2018، ولم تتوافق حكومتها مع حكومة تيجراي.
هذا يعني أن السلام في إقليم تيجراي أصبح في خطر. ويحذر المراقبون من أن احتمال اندلاع الحرب الأهلية الإثيوبية لن يكون بعيدًا عن أكثر المواقع العسكرية الاستراتيجية في أفريقيا، جيبوتي الصغيرة، حيث تمتلك العديد من القوى العالمية بما في ذلك الولايات المتحدة والصين قواعدها العسكرية في القارة.
كما أن المنطقة تطل على مدخل البحر الأحمر الممر المائي العالمي، وعدم استقرارها يؤثر على السلام العالمي.
يعتقد الدبلوماسي الأمريكي بايتون كنوبف أن مصر “جهة فاعلة مسؤولة بما يكفي لاستبعادها من احتمالات التورط في إشعال الحرب الأهلية الإثيوبية لإدراكها أن تجزئة إثيوبيا ضار بشكل أساسي بالأمن الإقليمي.
هذا يعني أن دخول إثيوبيا في اضطرابات وحرب أهلية ومحاولات لتقسيمها لن يكون في صالح مصر.
موضوعات متعلقة
