بعد مرور عام على اغتيال القيادي في فيلق القدس قاسم سليماني، المسؤول الأول في نشر السياسات الإرهابية للنظام الإيراني في الشرق الأوسط، إيران تفقد الأب الروحي لبرنامجها النووي محسن فخري زاده، في عملية اغتيال مرت مجددًا دون أي انتقام.
اغتيال محسن فخري زادة | لماذا تفشل إيران في حماية رجالها؟ وكيف سترد؟ | س/ج في دقائق
بالتزامن، الدبلوماسي الإيراني في النمسا في القفص أمام محكمة بلجيكية بتهمة التورط في نقل قنبلة كانت يفترض أن تستهدف التجمع السنوي للمعارضة الإيرانية في باريس.
النظام حاول دون كلل إيقاف المحاكمة، أصدر تهديدات متتالية حال لم تعيده بلجيكا إلى إيران، لكن المحاكمة استمرت.
قنبلة بيتزا هت | إيران حاولت اغتيال محامي ترامب وآلافا من معارضيها في باريس | الحكاية في دقائق
كان لعواقب هذه الضربات الإستراتيجية الثلاث تأثير عميق على إيران والمنطقة كلها، قللت إلى حد كبير من سلطة الأصوليين في إيران، وأظهرت تآكل الحصون الدفاعية للنظام الإيراني الذي قضى سنوات طوال في ترسيخها.
لكن الضربات الثلاث لا تبدو وحيدة. في العراق المجاور، الشعب ينتفض منذ شهور احتجاجًا على 16 عامًا من الفساد والبطالة وسفك الدماء، وتدخلات إيران عبر وكلائها المسلحين، في انتفاضة مستمرة تتسع دائرتها يوميًا، أدت بين نتائجها إلى محو الشعور العام بين العراقيين بأن ميليشيات إيران لا تقهر.
والآن، في ذكرى اندلاع الانتفاضة، وبعد 3 أيام من الاجتماعات في مرقد الإمام علي في النجف، مقر المرجع العراقي الشيعي الأعلى على السيستاني، تعلن أربع مجموعات من الميليشيات الشعبية العراقية المنضمة إلى الحشد الشعبي البراءة من إيران. هذه الميليشيات الأربعة هي: لواء أنصار المرجعية، ولواء علي الأكبر، وفرقة العباس القتالية، وفرقة الإمام علي القتالية.
وبعد موجة ضغوط من الأحزاب المدعومة من طهران في العراق، ضد التقارب بين السعودية والعراق، انقلبت الطاولة على إيران، حيث سافر وفد سعودي رفيع المستوى، برئاسة وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد القصبي، إلى العاصمة العراقية بغداد، يوم الاثنين 7 ديسمبر، لتوقيع عدة مذكرات تفاهم واتفاقيات اقتصادية، في أول زيارة من نوعها بعد 29 سنة.
في اليمن، لم يعد التسامح القديم مع الحوثيين التابعين للنظام الإيراني شيكًا على بياض، وفي سوريا، يلقى قادة الحرس الثوري مصرعهم كل يوم، دون أن يجرؤ الملالي على إعلان الخبر.
وفي فلسطين، لم تعد القوات الموالية للنظام قادرة على استخدام أذرعها حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله بحرية.
لبنان اليوم يواجه أسوأ عواقب التدخل الإيراني وهيمنة حزب الله، وصل إلى نقطة التحطم الاقتصادي والسياسي، ويواجه عزلة إقليمية ودولية كاملة، كشفت لللبنانيين خطورة هيمنة حزب الله والنظام الإيراني الذي يموله.
نتيجة لذلك، لن نتسرع ونقول إن النظام الإيراني أصبح دون تأثير وفاعلية، لكن مسار التطورات في الشرق الأوسط قد تغير بالتأكيد، وتغير ميزان القوى وقواعد الاشتباك للنظام الإيراني ولا عودة لما كان عليه الوضع في السابق.
صراع الطاولة والشطرنج.. كيف غيَّر مقتل قاسم سليماني قواعد الاشتباك؟ | س/ج في دقائق