في 2018، وصلت إلهان عمر لعضوية مجلس النواب الأمريكي دون صعوبات: فازت بالانتخابات التمهيدية بأوراق حاسمة، بينها كونها مسلمة محجبة، وابنة مهاجرين، وتتمتع بدعم قوي من تقدميي حزب الديمقراط في مينيسوتا. لم تجد بعدها أي صعوبة في حسم الانتخابات العامة في الدائرة التي يسيطر عليها الديمقراط تمامًا.
في 2020 كانت حملتها للاحتفاظ بالمقعد أصعب، في الانتخابات التمهيدية تحديدًا. قوبلت بانتقادات حادة خلال العامين اللذين قضتهما تحت قبة الكونجرس، لتواجه منافسة شرسة داخل حزبها من أنطون ميلتون مو.
مو لم يكن صيدًا سهلًا؛ هو محام شاب، 47 عامًا، وافد جديد على السياسة، أسود اللون، تلقى تمويلًا ضخمًا تجاوز 4 ملايين دولار ليصبح السباق التمهيدي الأعلى تمويلًا في تاريخ الولاية، وحصد تأييد شخصيات وتيارات وصحف محلية بارزة.
وعلى عكس إلهان عمر، وعد مو بالتركيز على القضايا التي تشغل الدائرة، على حساب السياسات التقدمية التي تمنحها عمر كل الاهتمام.
بنهاية السباق التمهيدي، كانت إلهان عمر تحتفل بفوز حاسم في السباق التمهيدي بـ 57.4% مقابل 39.2% لمرشح "احتشد لدعمه اللوبي اليهودي"، بوصف إعلام التحالف العثماني الداعم لإلهان عمر، لتضمن تقريبًا الاحتفاظ بمقعدها في انتخابات نوفمبر.
فوز إلهان عمر لم يكن مجرد حسم لسباق انتخابي تمهيدي داخل حزب الديمقراط. كان انتصارًا لـ "فرقة رباعي الديمقراط" وما يمثلنه من سطوة لليسار على الحزب. كان انتصارًا لـ "أجندة تجذرت في النضال اليومي" و"تفويض من أجل التغيير رغم كل المال الذي دفعوه" بوصف عمر نفسها، أو "للمصالح التقدمة على حساب الليبراليين في مدينة زرقاء (ديمقراط) عميقة، بعد معركة سلطت الضوء على الاختلافات بما في ذلك العرق والجنس والأصل القومي والدين"، بوصف صحيفة ساهان جورنال المحلية.
لكن الأهم، أن الانتخابات التمهيدية كانت "اختبارًا لنظام التصويت البريدي في مينيسوتا، مع وجود أعداد غير مسبوقة للتصويت بالبريد بسبب جائحة كورونا".
النتيجة المباشرة للاختبار ظهرت سريعًا. تأخرت نتائج الانتخابات بسبب استمرار تدفق أوراق الاقتراع البريدي. النتيجة الثانية، فضيحة تزوير محتملة كشفها "Project Veritas" الأسبوع الماضي، موثقة بالفيديو.
محققو مشروع فيريتاس كشفوا عن مخطط لجمع أصوات التصويت البريدي يديره عشيرة وحلفاء سياسيون ومساعدون للنائبة إلهان عمر.
المقطع لا يتعلق مباشرة بالانتخابات التمهيدية، يتعلق بمقعد شاغر في مجلس مدينة مينابوليس، لكن الانتخابات عقدت في نفس يوم الانتخابات التمهيدية التي حسمتها عمر، وفي قلب قاعدتها السياسية بين الجالية الصومالية في مينيسوتا.
في المقطع المصور، يقول ليبان محمد، أحد أبرز مؤيدي إلهان عمر، إنه جمع 300 بطاقة للتصويت البريدي من المهاجريين الصوماليين الذين لم يكونوا ينوون التصويت، في يوم واحد فقط.
الناشط السياسي عمر جمال أخبر فيريتاس أن إلهان عمر على صلة مباشرة بالمخطط، وأن أنصارها يستغلون المسنين الذين لا ينوون التصويت لجمع بطاقاتهم وتسويدها لحساب مرشحيهم.
عمر جمال - هو أيضًا لاجئ صومالي ناشط في أوساط المجتمع الصومالي في الولاية، يعمل مع شرطة مقاطعة رامسي، ويرأس ما يسمى بمجموعة المراقبة الصومالية - كان السر وراء تسريب المخطط كاملًا.
يقول إن التزوير عبر التصويت البريدي هو "السر المكشوف" لحزب المزارعين والعمال "أحد الأحزاب المتفرعة عن حزب الديمقراط في ولاية مينيسوتا"، والذي برزت فيه إلهان عمر كقوة صاعدة.
يضيف جمال أن إلهان عمر "ستفعل أي شيء يمكنها فعله لضمان الانتخابات، ولديها مئات الأشخاص في الشوارع يفعلون ذلك".
كجزء من مشاركته في التحقيق، أجرى عمر جمال مقابلة مع أمريكي صومالي يعمل لبطاقات التصويت البريدي. في المقابلة، يصف الأمريكي الصومالي كيف حصل على أجر للتصويت في انتخابات مجلس المدينة، وكذلك في الانتخابات التميهدية التي حسمتها إلهان عمر.
يقول إن نشطاء شراء أصوات صوماليين أمريكيين، من ماكينة إلهان عمر الانتخابية، زاروه في شقته للإشراف على تسويد البطاقات التي جمعوها من الناخبين، خصوصًا من تجمعات المسنين.
ويضيف أنهم زاروا كذلك منازل الصوماليين لضمان تصويتهم لإلهان عمر. طلبوا بطاقات التصويت، وسودوها، ثم أرسلوها للجان الانتخابات مباشرة. "عندما نوقع وثيقة التصويت ويقومون بتسوديها، عندها فقط يعطوننا المال".
أحد مصادر التحقيق قال إن حملة عمر تجمع أصوات المسنين استغلالًا لجهلهم بالنظام السياسي، باعتبارهم من الجيل الأول من المهاجرين، أما الشباب والنساء، فتدفع لهم الحملة المال مقابل تسويد البطاقات.
مصدر آخر في مينيابوليس، وهو موظف سابق في حملة إلهان عمر، قال أيضًا لصحفيي مشروع فيريتاس إن مدير الحملة علي عيسى جيني كان لاعبًا رئيسيًا في مخطط جمع وتسويد بطاقات الاقتراع.
يضيف المصدر إن "العناوين المؤقتة" تلعب دورًا في ضمان نجاح المخطط، وأن ماكينة عمر الانتخابية عيسى حولت التزوير إلى عملية منظمة لتقديم الطلبات وتسجيل وتتبع بطاقات الاقتراع المحصودة من جمعها إلى تسليمها إلى صناديق الاقتراع.
ويقول ناشط سياسي صومالي إن حزب الديمقراط في الولاية يعرف كل شيء عن المخطط. ويصف كيف ينتقل الصوماليون منذ فترة طويلة من خارج الولاية، ويقيمون في أماكن إقامة مؤقتة، ثم يصوتون في يوم الانتخابات، ثم يختفون ويعودون إلى منازلهم الحقيقية وحياتهم الطبيعية.
"المال هو كل شيء. المال ملك هذا العالم. إذا لم يكن لديك مال، فلا يجب أن تكون هنا"، يقول ليبان محمد كما يظهر في مقطع الفيديو المسرب.
في ولاية مينيسوتا، يسمح القانون لطرف ثالث بجمع ما لا يزيد عن ثلاثة أوراق اقتراع، وهو ما تجاوزه ليبان محمد. ويدعي مشروع فيريتاس أن الديمقراط متورطون في عمليات تزوير واسعة النطاق للناخبين.
جمع أوراق الاقتراع الموثق، وشراء الأصوات، ينتهك القانون الفيدرالي وقانون ولاية مينيسوتا.
جيريد إيدي، كبير المسؤولين القانونيين في مشروع فيريتاس، يقول إن حملة عمر ربما انتهكت قوانين الانتخابات الفيدرالية والولائية، وبعضها يعاقب عليه بالسجن لمدة خمس سنوات كحد أقصى.
ويحظر قانون مينيسوتا دفع شخص أو تلقي أموال للتسجيل للتصويت، ويعاقب عليها بالسجن سنة على الأقل.
الواقعة تنطبق عليها كذلك القوانين الفيدرالية والولائية المتعلقة بترهيب الناخبين، وكذلك التصويت غير القانوني.
وبالإضافة لتلك القوانين، مينيسوتا لديها قانون آخر يصنف حث الناخب أو إقناعه بالتصويت لصالح أو ضد مرشح أثناء عملية التصويت كجنحة.
جمع أوراق الاقتراع ممارسة قانونية في العديد من الولايات الأمريكية التي تسمح لطرف ثالث بجمع بطاقات الاقتراع نيابة عن الناخبين المعاقين أو غير القادرين على الوصول لأماكن الاقتراع.
وتسمح كاليفورنيا منذ 2016 بجمع عدد غير محدود من بطاقات الاقتراع من الناخبين، على الرغم من أنها تمنع الشخص من الحصول على أجر بناءً على عدد بطاقات الاقتراع التي أعادها.
والعام الحالي، تنافس الجمهوريون والديمقراطيون في دعاوى قضائية بشأن جمع أوراق الاقتراع من طرف ثالث في بنسلفانيا وفلوريدا ومينيسوتا.
في ولاية ويسكونسن، طلبت شركة محاماة محافظة تعرف باسم معهد ويسكونسن للقانون والحرية أن يحظر مسؤولو الانتخابات هذه العملية.
جيمس أوكيف، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ Project Veritas، يصف تسويت بطاقات الاقتراع بـ "نشاط تجاري كبير"
ويضيف عمر جمال أن تجاهل الأمر سيحوله إلى عمل سييء سينهي الولايات المتحدة بالشكل الذي نعرفه حاليًا.
المشروع الاستقصائي، في التحقيق المنشور، يتخوف من تحول الأمر إلى الساحة الوطنية في انتخابات نوفمبر. يقول إن "جهودًا متضافرة تبذل" لاستخدام فيروس كورونا كذريعة لتغيير طريقة التصويت في الانتخابات إلى التصويت البريدي، والذي خلصت لجنة إصلاح الانتخابات الفيدرالية المكونة من الحزبين، والتي يرأسها الرئيس السابق جيمي كارتر، إلى أنه "يظل أكبر مصدر للتزوير المحتمل".
التحقيق أكد أن مراسلي فيريتاس لم يجدوا صعوبة في التصويت باستخدام اسم شخص ميت في نيو هامبشاير، وأنهم صوروا ناشطًا في كولورادو وهو يتفاخر حول كيف يمكنه العثور على أوراق الاقتراع في صناديق القمامة، وأنه يستطيع إرسالها بالبريد عن طريق الاحتيال. وفي نورث كارولينا، شجع النشطاء السياسيون ممثلي فيريتاس على التصويت حتى لو لم يكونوا من مواطني الولاية.
فور تداول الفيديو، طلب الرئيس ترامب من وزارة العدل التحقيق مع عمر بشأن جمع وتسويد أوراق الاقتراع المزعوم.
وكتب ترامب في تغريدة على تويتر: هذا غير قانوني تماما، أتمنى أن تكون المدعية العامة الأمريكية في مينيسوتا قد أخضعت الأمر - وغيره من جرائم إلهان عمر - لمراجعة جدية". أعقب ذلك إعلان الشرطة في مينيابوليس بدأ التحقيق في تزوير إرادة الناخبين.
لكن ترامب لم يكن وحيدًا.. حتى نائبة الديمقراط تولسي جابارد، انضمت إليه، ضمن حملتها لإقرار مشروع قانون لسحب المساعدة الانتخابية الفيدرالية من الولايات التي تسمح بجمع الأصوات. قالت إن “حظر جمع أوراق الاقتراع ليس قضية حزبية؛ كونها تشكل تهديدًا خطيرًا لنزاهة الانتخابات الأمريكية".
التسويد بهذه الطريقة وبنفس التفاصيل ليس جديدًا .
في يونيو 2019، كشفت صنداي تايمز، أن النائبة العمالية البريطانية ليزا فوربس فازت في انتخابات بيتربره الفرعية بنفس الطريقة: سماسرة انتخابات يستغلون ثغرات التصويت البريدي لتسويد أصوات الناخبين من الجالية الباكستانية.
حينها تكرر نفس الأمر، شجع نشطاء حملة حزب العمال الانتخابية على استخدام التصويت البريدي بدلًا من الحضور لمراكز الاقتراع. في تلك الانتخابات، لم يتجاوز عدد الأصوات 33,998 صوتًا، منها 9,898 صوتًا وصلت بالبريد (حوالي 28%)؛ أعلى من معدل الانتخابات العامة 2017 البالغ 24٪ والمعدل الوطني 21.6٪
عدد الأصوات البريدية الواردة من مناطق يقطنها باكستانيون، كانت مرتفعة إلى حد كبير.. الأعلى في تاريخ بيتربره.
تجدون المزيد من التفاصيل في الروابط المرفقة:
خلية تزوير انتخابات في بريطانيا.. كلها من المسلمين .. هل أنجحت مرشحة اليسار؟ | الحكاية في دقائق
إلهان عمر متورطة في مخطط الدفع مقابل التصويت (مشروع فيريتاس)
فيديو مشروع فيريتاس الجديد: عملية احتيال انتخابي في منطقة إلهان عمر (ناشونال ريفيو)
ترامب يطالب بالتحقيق في تقارير عن جمع أنصار إلهان عمر أوراق الاقتراع بشكل غير قانوني (ناشونال ريفيو)
تولسي جابارد تستند على فيديو إلهان عمر في دعوة لإنهاء جمع أوراق الاقتراع (ناشونال ريفيو)
إلهان عمر تهزم أنطون ميلتون مو في الانتخابات التمهيدية (سي بي إس مينيسوتا)
فوز آخر للرباعي: البطلة التقدمية إلهان عمر تهزم منافسها الممول جيدًا (ساهان جورنال)